الوارثون.. معهد البحث الإيماني
    • حديث
    • وسم
    • الأكثر شهرة
    • المستخدمين
    • تسجيل
    • دخول
    1. الصفحة الرئيسية
    2. al_ashajj
    غير متصل
    • الملف الشخصي
    • يتابع 0
    • المتابعون 0
    • المواضيع 5
    • المشاركات 5
    • المجموعات 0

    al_ashajj

    @al_ashajj

    كائن خطّاء بلا توقُّف، مواطن عثماني مكتوم القيد، بحاجة ماسّة إلى رحمة الله

    0
    السمعة
    2
    عدد المشاهدات
    5
    المشاركات
    0
    المتابعون
    0
    يتابع
    تاريخ التسجيل
    تاريخ آخر دخول

    al_ashajj إلغاء المتابعة تابع

    Latest posts made by al_ashajj

    • التوضيح

      من: ليلى السعيد
      إلى: زياد بن محمد
      الموضوع: طلب توضيح

      عزيزي زياد،
      أتمنى أن تكون بخير. لدي سؤال مباشر وصريح. سمعتُ أنك لا تزال على اتصال بنور الترابي، رغم دعمها للنظام البائد وثبوت تلاعُبها بشهادات الناجين.
      البعض يفكر في مغادرة حملتك الانتخابية بسبب ذلك. هل تعتقد أن بإمكانك بناء مشروع عادل وذي مصداقية وأنت تعمل مع أشخاص مثل نور؟
      أرجو ألا أكون تطفّلتُ عليك.
      مع احترامي،
      ليلى

      من: زياد بن محمد
      إلى: ليلى السعيد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      عزيزتي ليلى،
      شكراً جزيلاً على ثقتك. جوابي أيضاً مباشر وصريح.
      أخلاقيات السياسة ليست أخلاقيات الصداقة. من السهل في الحياة الخاصة أن نكون مُتّسقين مع أنفسنا: نقاطع شخصاً هنا، ونُحرِّض على عزل شخص هناك، ثم نشعر بالأمان والأمانة. لكن في الحياة العامة قلّما تنسجم خياراتنا مع جداول التصنيف المعتادة.
      لا أفكر في نور من زاوية أخلاقية. أفكر من زاوية استراتيجية، وكثيراً ما أشعر – وهذه بيننا – أن غير الاستراتيجيين غير أخلاقيين. نحن نسعى إلى تقوية الحزب وتجنيد المتعلمين في المحافظات الفقيرة وتحريك الزخم الاقتصادي في الشتات، وهذا يتطلب تركيزاً تاماً. نور لديها شبكات، ولديها نفوذ، ولديها فريق ذو مهارات مميزة. لو كنتُ قاضياً في محكمة، كنتُ سأدعمك في رفع دعوى عليها. لكن ليس لدي قاعة ولا محكمة. لدي طاولة مؤتمر عمّا قريب، وخمس مقابلات تلفزيونية، وثلاث مؤسّسات ونصف بحاجة الكثير من البناء.
      أَجُودُ بالموجود.

      من: ليلى السعيد
      إلى: زياد بن محمد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      لكن يا زياد، أنا آسفة ولكن أليس هذا هو منطق القوة من أجل القوة؟ نور لم ترتكب «أخطاء» حتى نغضَّ النظر عنها. هي أهانت الناجين على الهواء مباشرةً. ألا تهمّكَ المُساءلة؟

      من: زياد بن محمد
      إلى: ليلى السعيد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      بالطبع تهمّني. لكني أعتقد أن المُساءلة تتعلق بالبنية السياسية لا بالمشاعر.
      ملاحقةُ مشاعرنا تمنحنا مكاسب أخلاقية لأول وهلة، لكنها تعزلنا عن المواقع المؤثّرة مع الوقت. كاليساريين الذين يبدؤون من فقر الفقراء ويستنتجون أن هناك من يسرق ويستغلّ، بدل أن يبدأوا من ثروة الأثرياء ويبحثوا في أشكال إنتاجها. الأمر لا يتعلق بأشخاص فاسدين بل بطبيعة النظام الذي يَقبلُهُم ويُشجّعهم. الرأسمالية تعني وجود فوائض أرباح، وهذه الأرباح قد تكون مشروعة أو غير مشروعة. المطلوب تطوير تشريعات عادلة وفعّالة، وليس ملاحقة الشركات شركةً شركة.
      الأمر نفسه في السياسة. ليس السؤال: من هم الضحايا أو من هم النظيفون؟ بل: من يمتلك الأدوات وكيف؟ من يتحرّك نحو ماذا؟ من يستمع لمن؟ من يشتغل بدأب وما الذي يُلهمه؟ من يمتلك علاقات واسعة؟ وهكذا. والأهم من كل ما سبق: كيف نفهم ذلك ونشكّله بما يخدم مصالحنا؟ أي باختصار من نحن الآن وما مصالحنا الآن؟
      تريدين نظاماً طيّباً وخيّراً؟ ستحتاجين إلى الكثير من السفلة والأشرار.
      هكذا يبدأ حكم القانون: من توبة تدريجية بين العُصاة.

      من: ليلى السعيد
      إلى: زياد بن محمد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      عن أي توبة تتحدث يا زياد؟ نور لم تُعبِّر عن أي ندم على تصريحاتها!

      من: زياد بن محمد
      إلى: ليلى السعيد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      أعلم أنها لم تُعبِّر. بل وأعلم أنها لا تُفكِّر في الندم. هذا بينها وبين الله. السؤال لك عزيزتي: هل تريدين تغيير أحوال البلاد أم فرض رقابة على ملائكة العذاب يوم القيامة؟
      لا أتحدث عن توبة فرد بل عن مناخ يستدرج توبات جماعية. كثيرون يستقصون ضمائرَ الآخرين، وقناعتي أنهم لن ينجحوا. مُطاردة العدالة بهذه الطريقة مصيرها الشلل التام. سيشتغلون حصراً مع ضحايا شديدي الوضوح، أو سينتظرون نظاماً قانونياً خالياً من الشوائب، أو سيتخصّصون في التشهير العلني، ولا شيء بعد ذلك. هذا يعني مشاجرات لا تنتهي، ناهيك بالإرهاق والنفور. لا أعرف إن كنت تعتبرين هذه سياسة. أنا أعتبرها انفعالات طائشة.
      تريدين إدانة قاطعة لكل تجاوز وفضيحة؟ سيأكلك ضميرك الحيّ وأنتِ على قيد الحياة (ثم لا تتوهّمي أنك ستنجحين! فأنت لن تتابعي إلا دائرتك الشخصية وما تقع عليه عيناك من معلومات، بلا بنية موضوعية راسخة ولا دائرة كُبرى لمساءلة الجميع).
      البديل الذي أتبنّاه هو أخذ المعلومات الخام تلك ورفض اعتبارها علماً ناجزاً، واستعمالها لبناء دائرة ثقة صغيرة ودوائر أخرى أوسع حسب الحاجة، مع الدعاء والاستعاذة بالله دوماً من أن أَضِلّ أو أُضَلّ أو أَزِلّ أو أُزَلّ. وبعدها أفعل ما يجب فعله ضمن دائرة سيطرتي أنا.
      قد لا يكون هذا مُرضياً، ولكنه يُفسِح مجالاً للعمل.

      من: ليلى السعيد
      إلى: زياد بن محمد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      تبدو لي واقعيّتك المفرطة استسلاماً مقنّعاً. ولو! أين خطوطك الحمر؟ أليس لديك بوصلة؟

      من: زياد بن محمد
      إلى: ليلى السعيد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      بوصلتي هي العواقب.
      اسمعي. أنا مثلك أحب المُثُل العليا وأحب السعي نحوها، لكني لا أعتبر السعي طريقاً مستقيماً.
      ليس في عالم السياسة قدّيسون وشياطين، بل فيه أشخاص ومصالح وحسابات وترتيبات وممارسات. ولا فيه كلمات مثل ينبغي، يجب، لا يجوز، غير مقبول، مؤسف… بل: يحدث، يمكن، مُحتمَل، مفيد، لعلّه… من ينشغلون بالـ«ينبغيات» لن يصلوا إلى أي مكان. كل ما يحدث يمكن أن يحدث: هذا هو المبدأ الوحيد في السياسة.
      وأزيدك من الشعر بيتاً: أخطر السياسيين على الإطلاق هم الذين يزعمون أنهم صوت الحق الساطع، ويقولون إن الحق يجب أن ينتصر لأن الحق هو الذي سينتصر. طيب، ثم ماذا؟ هل ستُخجِّلُ الأشرارَ وتفضحهم حتى ينقرضوا عن آخرهم يا سوبرمان الزمان؟ هل ستطردهم من ذهنك ومحيطك فقط أم من المجال العام كله؟ كيف!؟ بالإيمان الراسخ؟ بالأصدقاء الأنقياء؟ بالهاشتاغات؟
      حظاً طيباً!

      من: ليلى السعيد
      إلى: زياد بن محمد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      يبدو لي كلامك مستنقعاً، لكن أعترفُ أني بحاجة للتفكير فيه أكثر. واضحٌ أنك فكرت كثيراً وطويلاً في الأمر.
      لا أريد الإثقال عليك، ولكنك جعلتني في حيرة من أمري. لا أعرف ماذا على أمثالي أن يفعلوا. ماذا لو كنا لا نملك القوة ولكن لا نريد أن نلعب هذه اللعبة القذرة؟

      من: زياد بن محمد
      إلى: ليلى السعيد
      الموضوع: رد: طلب توضيح

      المكر والعمل البطيء.
      إذا كان لديك الصبر لاختيار المعارك المناسبة، ضد الأشخاص المناسبين، في الوقت المناسب، سيكون ذلك رائعاً. المجد هو الانتصار في عدد كبير من المعارك الصغيرة المُحضَّر لها جيداً. أما المعركة الكبرى أو الانتصار المُرتجَل فمنحة إلهية يجب دوماً استبعادها من الحسابات.
      ثم لا تتوقعي أن تكون سياساتك مرآة ما في قلبك. المجال العام لا تصنعه الأخلاقيات والجماليات. تصنعه أقدار الله وذئاب البشر.
      ونعم، أحياناً يصنعه أمثالنا إذا صمدنا لفترة كافية وكانت الظروف مواتية. وقتها نكون نحن أقدارَ الله.
      مع المودة،
      زياد

      كتب في أدب
      al_ashajjA
      al_ashajj
    • عن الرُّهاب واللَّهَبية ونقد وكره المسلمين

      لا أحب خلط السياسة بالتحليل النفسي عموماً، لكن رُهاب الإسلام مفهوم شائع وصار يصعب تفاديه، وهو ليس تهمة عندي ولا من مُسقِطات المروءة. فأنا أفرّق بين:
      الرُّهاب العفوي
      والتعصُّب المباشر المؤذي،
      ثم العنصرية المُمَأسَسة ضمن قوانين،
      ورابعاً - والأهم - الحقد أو «اللّهَبيّة» (من أبو لهب)، وهذا هو المصطلح الذي أتبنّاه لوصف الكراهية الجامحة للمسلمين وتمنّي الشرّ والهوان لهم.

      والرُّهاب عكس اللَّهَبيّة معظم الأحيان. وهو إن كان مشكلة نفسية فيلزمه أقصى درجات الرحمة والمعذرة، وإن كان شعوراً بالقلق والخوف من جموع المسلمين فأيضاً يمكن فهمه والرأفة بأصحابه. رُهاب الإسلام شعور شائع للغاية بين «الأغيار» من فاسقين وكفّار، العوام منهم والنخب، في بلادنا وفي غيرها، أكثر بكثير مما نعرف أو نعترف. ولذلك أسباب كثيرة منها أن فكرنا الإسلامي قائم بمعظمه على تبرئة النفس والاستنفار ضد الخصوم بالحق وبالباطل.

      إن معظم الكره ألم، ومعظم الخوف جهل، ومعظم الرفض أسئلة. ليس جميع الأغيار لَهَبيّين أو مؤذين أو متعصّبين، وآخر همّي مطاردة مشاعر الخوف لديهم والتفتيش في مدى سماحتهم معي واتّساع قلوبهم لي. خلافي مع الأغيار سياسي لا عاطفي، وبالعكس لا تكون السياسة إلا بكسب القلوب بالحِلم واللين والدهاء. وأضعف الإيمان لمن يريد الحكم أن يطلب النقد ويتقبّله برحابة صدر، وأن يفتح أوسع الأبواب الممكنة للتقاطع مع الخصوم، وأن يمدّ حبال النقاش معهم عسى يفتح الله بينه وبينهم.

      لا يجوز استسلاح مفهوم الإسلاموفوبيا لإسكات كل منتقد، ولا التشكّي النرجسي والصراخ على من يرفضوننا وكأنهم لَهَبيّون أزليّون. لا بدّ أن ننفض الجاهلية عن أبصارنا وأفئدتنا ونتشجّع على رؤية عيوبنا ولجم سفهائنا، وإلا نحن مسؤولون عن إخافة الآخرين وتنفيرهم. ثم إن من الأغيار من يحاولون، لشدة لهفتهم ورأفتهم، تبرير أو «شرح الأسباب» التي تجعلنا كائنات مخيفة أو منفّرة أو عاطلة عن الحضارة، وهذا لطيف ولكنه ليس واجباً على الجميع أولاً، وهو مبالغة مؤذية لنا ثانياً: تبرّر عنا ما لا يقبل التبرير، وتعزّز فينا الرّضا عن النفس الذي هو أصل كل غفلة ومعصية وشهوة، وتمنح اللَّهَبيّين حججاً يستدلّون بها على شرّنا وفسادنا. والحقيقة أننا متخلّفون تخلُّفاً مؤسفاً، ولا كميات من الشروح ستحجب ذلك أو تُبرّئنا أمام الله الذي يعرف حالنا ويرى تقصيرنا. ولذلك فإن الإسلاموفوبيا العاطفية (خوف الأغيار منا) والإسلاموفوبيا الفكرية (تحيُّزهم المنهجي ضدنا) ليست ظلماً يقع علينا فحسب، بل أيضاً فشل اجتماعي ومعرفي علينا تحمُّل مسؤوليته والاستجابة له بالتي هي أحسن.

      رُهاب المسلمين شيء، وهو يتطلّب قلباً رحيماً وواسعاً، وإيذاؤهم شيء آخر، ويتطلّب ردعاً سريعاً وحاسماً، ونقدهم شيء ثالث، يتطلّب عقلاً متيناً وواثقاً، والتمييز الحكومي ضدهم رابع، يتطلّب عزماً سياسياً نبيهاً ومتفاعلاً، واللَّهَبيّة خامس يتطلّب… إحم…

      كتب في حكمة
      al_ashajjA
      al_ashajj
    • الكَلِم الطيّب: نظرية اللغة المقدَّسة

      الصيام ليس امتناعاً عن الطعام أو تمريناً على الصبر والامتنان. بل هو فعل من أفعال المعرفة، يكتسب من يمارسونه علماً خاصاً من خلال الشعور الجسدي والإيقاع الزمني ودفع الأفكار نحو أقصاها.

      تزامن رمضان 1446 مع الصوم الكبير في 2025، وعاش ملايين الصائمين والصائمات كيفية انتقال المعاني المقدَّسة بالتجربة والإحساس لا بالكلام المباشر. وسواءً في الهمّة الجماعية الصامتة في العشر الأواخر، أو في استحضار جسد المسيح في عيد القيامة، ثمة حقيقة منسيّة هنا: اللغة المقدَّسة لا تحب العيش على الورق.

      لغة وظيفتها الدهشة

      قبل أن يتعلّم البشر التواصل بالتجريد المنطقي، كان تواصلهم فعلاً من أفعال الدهشة. كانت أهم عباراتهم طَقَسية لا دلالية، وظيفتها تحفيز الجسد وتهدئة الذهن وتعميق الانتماء. وما تزال التراتيل الدينية والأوراد الجماعية تحفظ لنا ذلك الشكل الإيقاعي للّغة، حيث تمتزج الأنفاس بالأصوات، وحيث تكون المشاعر في قلب كل كلمة. كانت قوّة اللغة قدرتها على استحضار الانتباه الكامل للبشر - وغيرهم من الكائنات - فيما كان نقل المعلومات مسألة ثانوية.

      بالمقابل، النزعة النصوصية في ثقافتنا المعاصرة تمنح الأولوية للتعامل البصري مع اللغة. هكذا تفقد النصوص المقدّسة - من القرآن إلى الڤيدا إلى المزامير - الكثير من ذاتها نتيجة القراءة السالبة بالعينين. إن كل واحد من هذه النصوص مِعمار صوتي هائل، تَشكّل عبر العصور من خلال الآذان والحناجر والأجساد، واكتسى قوّته من خلال النغم والوتيرة والتكرار. قراءة معمار كهذا بصمت، ولا سيما بوساطة لغة ترجمة، هو أشبه بدراسة نوطة موسيقية من دون سماع اللحن: شيء أساسي من الطاقة العاطفية سيتبخّر.

      أعماق غير قابلة للترجمة

      ليس هذا نقداً للترجمة من حيث المبدأ، بل إدراك للقيود التي يتحرّك ضمنها المترجمون. فصعوبة نقل نصّ من لغة إلى أخرى لا تتعلق بالكفاءة اللغوية والقدرة التعبيرية، بل بتفاوت العوالم الأدبية والنفسية بين اللغتين. فالمعنى ليس مجرداً، بل هو مسكون بأهله، يتغذّى بالطقوس والسياقات والمعرفة الاجتماعية المتراكمة. لذلك لا تحبّ اللغات المقدّسة اختزال معانيها في عبارات جديدة، لأنها في أصلها «أقوال أدائية»، لا ينبثق معناها إلا من خلال الممارسة.

      هذا ما تسمّيه العربية «الخشوع»، والذي يؤدّيه المترجمون بمفردات مثل «الرهبة» أو «التبتُّل» أو «الحضور». لكن هذه المرادفات لا تفي الثِّقَل الوجودي للكلمة حقّه. فالخشوع لحظة انتباه جسدي وروحي مذهل، وهو يعني في الصلاة مثلاً سكينة تامة تعبّر عنها طريقة الوقوف والنطق والنظر وكل الأصوات الداخلية للنفس. كلمة الخشوع مثال على ما يسمّيه الفلاسفة «المفاهيم الكثيفة»، أي تلك الذي يمتزج فيها الوصف بالعاطفة بالأهمية بالأخلاق.

      سطوة الثقافات العتيقة

      تذكّرنا المفاهيم الكثيفة بعوالم ما قبل اختراع الكتابة، حين كان التواصل حالة تسْري في كامل الجسد لا معلومات تتحرّك بين الدماغ والدماغ. كان التناقل الشفاهي يحفظ المعرفة عبر إشغال كافّة الحواسّ، ولم تكن اللغة رموزاً للفكّ والتركيب بل مناسبات للسماع والوجد الجماعي.

      جاءت الكتابة والطباعة بالدقة والتوثيق والتراكم المعرفي، ولكنها عدّلت من التجربة اللغوية لأسلافنا. فما كان منطوقاً وتشاركياً أصبح شيئاً فشيئاً مسطوراً وفردانياً. وقد تأثرت التقاليد الدينية أكثر من غيرها بذلك، إذ تحوّلت نصوصها المقدّسة من أذكار وترانيم تخضع لها القلوب والعقول إلى تُحَف وآثار خاضعة للتمحيص الأدبي والتاريخي.

      لا تنبع أهمية الأذكار والترانيم من حاجات أو جماليات الحنين إلى الماضي، بل من الحقيقة الفلسفية التي تذكّرنا بها حتى اليوم: فهم العالم وإدراك الواقع ليست مسألة مذهب فكري قابل للتحليل أو التفنيد العقلي، بل معرفة يكتسبها المرء من خلال الممارسة، أي التجمُّع، والتجرُّد، والتعوُّد، والتفكُّر المتواصل في ملكوت السماوات والأرض.

      كتب في نحو
      al_ashajjA
      al_ashajj
    • النضال الوطني شكل من أشكال التديُّن

      هذا من علم السياسة المُحرِج لكثيرين.

      الوطنيّة في أصلها طائفيّة معدّلة. فهي تصوُّر جماعي يقوم على تحديد النَّحْن من الْهُم، مع استبدال اللاهوت بالأيديولوجيا، والكهنة بالمثقفين، والوعّاظ بالإعلاميين، والعبادة بالشعارات، والكفر بالخيانة، والانتماء الروحي بالتشابه العرقي أو اللغوي. هذه ليست مقارنة تسفيه بل حقيقة تاريخية يعرفها الأنّاسون جيداً: التديُّن أصل كل ثقافة وسياسة وأخلاق وقانون في هذا العالم.

      وغاية الوطنيّين أن يكون الوطن هو الطائفة الأمّ التي تحضن باقي الطوائف، والتديُّن الأعلى الذي تشتغل عنده أنماط التديُّن.

      وهناك الوطني المعتدل، الذي يحترم جميع الهويات ويريد التمسّك بجميع المبادئ، فلا يُلهِم كثيرين ولا يقاتل تحت لوائه كثيرون، ولا ينجح إلا على الورق وفي كتب التاريخ الزائف. وهناك الوطني المتطرّف، وهذا هو الذي يبني الدولة، وهو يعظّم الوطن لذاته ويجعل سكّانه بشراً استثنائيين فوق البشر، فيبتعد عن التفكير البارد نحو الرطانة الشعبية الساخنة. وهو إن اعتدل فلأسباب يفرضها الواقع العملي لا المنطق النظري.

      ولا تكون الأفكار السياسية الظافرة إلا ساخنة، ولا تفرض نفسها على الآخرين إلا بالروح التنافسية العالية. ذلك أن الهوية أقوى من الحرية، بل إن الحرية لا تكتسب مخالبها ولا تدافع عن نفسها إلا حين تنغرس في هوية مقاتلة. إذ ليس بناء الأمة فعلاً أنيقاً وناعماً كصالون باريسي، بل هو شغف وشغب ومتاريس وخطباء، وهو الكثير الكثير من التحشيد والتطبيل والتنازع والتقاتل والإقصاء والصهر القسري والتربية العقائدية. وكل ذلك بحاجة لحوامل إثنية أو طبقية - أي فئات اجتماعية متجانسة - جاهزة للمعركة.

      أما الفرد فهو اختراع قانوني، والمواطنة مبدأ حوكمي، والدستور دستة تجريدات، ولا شيء من هذا ملهِم للناس إلا حين يتّصل بعمق وجدانهم. ومن يؤمن بالفرد والمواطنة والدستور إيماناً خلاصياً، ثم لا يتكلم لغة الوجد الديني أو الحماس الأيديولوجي الشبيه به، فلا يَلومَنّ إلا نفسه.

      وإنما لهذا السبب شهدنا اجتياح اليمين الشعبوي كافة الديمقراطيات الليبرالية، فانتصار الديموس (عامة الشعب) على الليبر (الإنسان الحر) طبيعي بكل معنى الكلمة: متوقَّع، فِطري، قابل للدراسة العلمية. وليست مشكلة الوسط الليبرالي المعتدل أن العنيفين يحاصرونه من الجهات الأربع، بل أن العنفوان - ومشتقّاته التي تصنع هويات - هو الوضع الخام الأقرب لفطرة البشر.

      شهدنا هذه الحكاية من قبل: سوريا الديمقراطية البرجوازية في الخمسينات تبتلعها سوريا الديمقراطية الشعبية في الستينات. حكّام ناعمون في منطقة خشنة، هزمتهم جهات طموحة ومنظَّمة وممتلئة بالأحلام والأحقاد.

      واليوم، الليبرالي السوري والاشتراكي السوري كلاهما متديّن بشكل غير حقيقي، وطائفي بشكل غير حقيقي، ويريد - إرادة غير حقيقية - بناء دولته الأيديولوجية والمعتدلة معاً. وكلاهما اليوم في معركة مع متديّنين حقيقيين.

      كتب في عمران
      al_ashajjA
      al_ashajj
    • لماذا تهاوت إيران أمام الاختراق الإسرائيلي؟

      هناك فرق بعشرات السنوات بين إسرائيل وكل جيرانها من حيث التقدُّم العلمي والتقني، وهذا يشمل البحث والتطوير في علوم الإدارة والاتصالات والاختراق والهندسة والحوسبة وحرب المعلومات وتحليل البيانات. وهذه أفتك من الأسلحة التقليدية المعروفة لمن أجاد توظيفها.

      ولا يجب أن نستهين بالفقر فهو نذير ضعف الدولة وأهم أسباب انكشافها، ولكن فقط إذا ترافق مع تفكُّكها السياسي العقائدي. فمعروف أن إيران أكثر الدول الإسلامية تصديراً للملاحدة الكارهين للإسلام، أي إن المذهب الإمامي الذي شدّ البلاد إلى بعضها لأربعمئة سنة آخذ في التداعي بعد بلوغه ذروة انتصاره التاريخي عام 1979. ومن ملامح التفكُّك أيضاً تراجع وقْع الجعجعة اليسارية وأهازيج هجاء الإمبريالية، والفشل في بناء فعل إمبراطوري فارسي يستحق هذا الوصف. إذ لم تستثمر طهران إلا في دهماء الشعوب والبؤساء من الدُّعاة والمقاتلين، وذلك على حساب الرأسمال البشري العالي الجودة الذي تبحث عنه الدول الطموحة وتدفع ثمنه غالياً. ليس الفقر حالة اقتصادية فحسب بل روحية ونفسية وفكرية. المنظومة كلها مترهّلة، وهذا يسهّل تجنيد العملاء.

      ثم أضف الانهيار المعنوي المريع الذي شعر به أنصار الجمهورية الإسلامية وهم يشاهدون حزب الله، مشروعهم اللبناني الفخور، يتهاوى كبيت من ورق.

      وأضف أيضاً وجود أجنحة داخل الدولة الإيرانية تبلورت بعد اغتيال سليماني في 2020، وهي تنتظر وفاة المرشد العجوز قريباً وتعمل على مغالبة الحرس الثوري ومنعه من تنصيب مرشده المفضَّل، وصولاً إلى سحب صلاحياته الأمنية والاستراتيجية أو تصفيته بشكل تام.

      لكن كل الفقر والتفكّك والحرب النفسية وصراع الأجنحة في كفّة، والتخلّف العلمي والتقني في زمن خلق الروبوتات وسحب المعلومات واتخاذ القرارات بسرعة الضوء في كفّة أخرى. عدد سكان إسرائيل ليس 5 مليون بل 500 مليون بوجود القدرة الصناعية المعولمة والمتصلة بمختلف خطوط التجارة، فيما كثرة المسلمين غُثاء لا وزن له من دون ذلك.

      لا يمكن لجيش عقائدي اليوم أن يتفوّق على دولة مدجّجة بالصناعات المعقدة والشركات الذكية وأحدث تقنيات الإدارة. هذه مغناطيس عملاء ودوّامة فوضى لكل من تنوي محاربته.

      لا مجال لنصرة الفلسطينيين أو اللبنانيين أو السوريين قبل نهضة صناعية وتجارية شاملة.

      الجهاد الحقيقي هو النهضة الصناعية والتجارية.

      التنوير الحقيقي هو النهضة الصناعية والتجارية.

      الديمقراطية الحقيقية هي النهضة الصناعية والتجارية.

      كل مقاومة دون ذلك ستتهاوى كبيت من ورق.

      كتب في أحداث
      al_ashajjA
      al_ashajj